International Information Programs
هكذا يعيش المسلمون في أميركا

المعتقدات والصيرفة

 
بقلم شيريل جين
شيريل جين مراسلة الشؤون الاقتصادية بصحيفة بيونير بريس، وهي صحيفة تصدر في سانت بول بمنيسوتا.
(حقوق النشر محفوظة لبيونير بلانيت/ سانت بول (منيسوتا) بيونير بريس/ توين سيتيز)

ساعدت اتفاقية التمويل دون فائدة الموقعة مع مركز تنمية الأحياء في سانت بول، هذا المسلم في تسديد ثمن سيارة شحن صغيرة ومعدات لمشروع توصيل وجبات الطعام الى المنازل والمكاتب في منطقة توين سيتيز. (تصوير ريتشارد مارشال/ سانت بول بيونير)
 

تحرم الشريعة الاسلامية تحريماً باتاً دفع أو استلام فوائد، ما يجعل من الصعب على المسلم شراء أو بيع أي عقار. هذا الشاب وهو مالك لبيته، يحاول بحث بعض الأمور التجارية، عبر الانترنت، مع والده في شرق إفريقيا. (تصوير جون دومان/ سانت بول بيونير)
 

عبد الرزاق بيلي من مينيابوليس، وهو مسلم يتبع أصول دينه، واجه مأزقا عندما قرر تأسيس شركة للنقل بأوتوبيسات صغيرة. احتاج بيلي إلى قرض لبدء العمل ولكن الشريعة الإسلامية التقليدية تمنعه من دفع فائدة، أو ما يُعرف بالربا على الدين.

وحتى تاريخ قريب، كانت الخيارات محدودة أمام أصحاب الأعمال الحرة من أمثال بيلي، ولكن في شهر أيار/مايو، وبفضل جهود جديدة بذلتها مجموعة "توين سيتيز"، تمكن بيلي من الحصول على تمويل بدون فائدة لشركته، التي تنقل أولاد المهاجرين إلى دروس اللغة الإنجليزية.

موّل بيلي عملية شراء أوتوبيس مدرسي يتسع لأربعة وثلاثين فرداً باقتراض مبلغ 15 ألف دولار من مركز تنمية الأحياء في مدينة سانت بول. أضاف المركز ربحاً له بقيمة ألفي دولار إلى خطة تسديد القرض. ووفقاً لذلك لم يكن يترتب على بيلي دفع أي فائدة، ومع ذلك يحقق المركز ريعاً سنوياً لأن الربح حل محل الفائدة.

قال بيلي، "أُفضّل ان أبقى بدون عمل من أن أعمل بفائدة." ولكن بدون التمويل البديل كان عليه ان يقتصد مبلغاً من المال يكفي لشراء الأوتوبيس أو أن يحاول الاقتراض بدون فائدة من أصدقائه.

مسلمو توين سيتيز أمضوا السنة الماضية وهم يحاولون تعليم الموظفين والمسؤولين الحكوميين وقادة المجتمع المحلي ضرورة التكيّف مع المعتقدات الإسلامية من خلال التمويل البديل. وتقول المصارف إن الأنظمة الصارمة منعتها من التقدم لتلبية الحاجة.

يوافق القادة المسلمون والممولون على ان الأمر ليس مسألة شخصية أو دينية فحسب بل هو يهم أيضاً المجتمع والاقتصاد. يقولون ان عدم توفر تمويل مقبول قد أبطأ جهود أصحاب المشاريع المسلمين وأعاق توسع الأعمال التجارية في توين سيتيز. ويقول البعض ان هذا الفراغ منع المسلمين من توسيع ثروتهم مما أضعف تأثيرهم الاقتصادي في المنطقة.

على الصعيد القومي، تزداد الجالية الإسلامية عدداً ونفوذاً. يتمتع المسلمون الذين يعيشون في الولايات المتحدة بدخل سنوي للفرد يتراوح بين 35 ألف و45 ألف دولار، وهو أعلى بدرجة ملحوظة من المتوسط القومي لدخل الفرد الذي يتراوح بين 24 ألف و27 ألف دولار، وذلك استناداً إلى مجلة آفاق إسلامية (Islamic Horizons).

يقطن حوالي 75 ألف مسلم توين سيتيز (بالمقارنة مع 45 ألفاً قبل خمسة أعوام) كما يقطن 100 ألف مسلم ولاية منيسوتا بشكل عام.

لاحظت مجموعات لا تبغي الربح الحاجة إلى تمويل بديل خلال حصص للتدريب على الأعمال، بالأخص بين المهاجرين الصوماليين القادمين حديثاً الذين يميلون إلى التمسك بدرجة اكبر بمبادئ الدين الإسلامي. توجد في ولاية مينيسوتا أكبر جالية من اللاجئين الصوماليين في البلاد، والذين يقدر عددهم الإجمالي بحوالي 40 ألف فرد.

أسس مايك تيمالي، المدير التنفيذي لمركز تنمية الأحياء في سانت بول، مشروع الاستثمارات من دون ربا في وقت مبكر من هذا العام لتزويد التمويل إلى المشاريع التجارية الصغيرة. وجد ان المهاجرين المسلمين تتثبط عزيمتهم لبدء مشروع تجاري لانهم لا يستطيعون الحصول على قرض لتنفيذ المشروع.

وقد بدأ تنفيذ عدة مشاريع تمويل إسلامية محلية أو أنها أصبحت في مراحل التخطيط: -- مولت مؤخراً كل من شركة "فيليبس" لتنمية المجتمع ووكالة مينيابوليس لتنمية المجتمع صاحب مشروع تجاري إسلامي بإحلال عبارة رسوم إدارية بدلاً من عبارة فائدة في اتفاقية القرض. تسعى المؤسستان إلى جعل البرامج مقبولة لدى المسلمين الأكثر تمسكاً بالمبادئ الإسلامية.

-- زود اتحاد شركات مينيابوليس لتنمية المجتمع تمويلين على أساس استيفاء رسوم إلى شركات تجارية إسلامية بمثابة برنامج رائد. يريد الاتحاد الذي لا يبغي الربح إنشاء صندوق لتمويل رساميل للمشاريع الصغيرة خلال عامين لتلبية احتياجات المسلمين وغيرهم. كما أنه يدرس خيارات تمويل أخرى.

-- تأسست قبل سنة في مينيابوليس شركة "دالسان" لبيع السيارات وهي شركة صومالية لبيع السيارات المستعملة وباشرت بيع السيارات وتأمين تمويل بدون فائدة إلى الزبائن لشراء هذه السيارات.

-- على المستوى القومي، تقدم شركات قليلة العدد مثل "أميركان هاوس فاينانس لاريبا" (American House Finance Lariba)، وأم أس آي للخدمات المالية (MSI Financial Service) تأجير السيارات والمعدات والتمويل دون فائدة لشراء المساكن ولأصحاب الأعمال وإلى أفراد يعيشون في ولاية منيسوتا. كما تركز أيضاً بعض الجهود المحلية اهتمامها على ملكية المسلمين للمساكن.

-- تعمل مجموعة في توين سيتيز لتشكيل اتحاد ائتماني إسلامي.

-- تدرس مصارف مثل بنك ويلز فارغو وشركاه ويونيفرسيتي بانك كيفية مساعدة مؤسسات الأعمال الإسلامية وتشجيع ملكية المساكن.

وفيق فنّون، وهو استشاري يعمل لدى مجموعات عديدة لا تبغي الربح ومصارف في توين سيتيز، تحدث حول كيفية تزويد التمويل الإسلامي فقال: "هناك حاجة كبيرة للقيام بذلك. لقد حاولت الجالية المسلمة في توين سيتيز تحقيق ذلك لمدة عشر سنوات." وأضاف، "لا يجد العديد من المسلمين في منيسوتا خياراً آخر غير الحصول على قرض مصرفي تقليدي. نفعل ذلك جميعاً تحت ضغط الحاجة. انه النظام. ولا أستطيع تغييره بين ليلة وضحاها، ولكن يُشكّل هذا العمل نقطة البداية."

قال حمدي الصواف، المدير التنفيذي للمركز الإسلامي في مينيسوتا إن الإسلام هو أسرع الديانات نمواً في العالم، ولكن لا يزال المسلمون يكافحون للحصول على فهم أعظم لهم لدى المجتمع.

الربا محرم
يتبع المسلمون القادمون من أفريقيا وآسيا والهند والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية ديناً تأسس قبل 1400 عام. تستند الشريعة الإسلامية إلى القرآن، كتاب الله المقدس، وإلى الحديث النبوي الشريف.

تحرم الشريعة الإسلامية تحريماً باتاً دفع أو استلام فوائد. يعتقد المسلمون بضرورة المحافظة على التوافق الاقتصادي في أي صفقة تمويل. من غير المقبول للثري أن يستفيد من إقراض المال إلى من هو أقل ثراء منه. ويتم تقاسم المال كأسلوب للمساعدة في ازدهار المجتمع.

قد يؤثر هذا الاعتقاد على طريقة تمويل المسلمين لشراء مسكن أو سيارة أو لتأمين نفقات التعليم، وعلى كيفية بدء عمل تجاري، وعلى كيفية تسديد الفواتير، وكيفية استعمال بطاقات الاعتماد.

قد يُشكّل دفع الفائدة اما عائقاً رئيسياً أو ثانوياً، استناداً إلى مدى تمسك المسلم بأصول الدين. لا يملك العديد من المسلمين، في توين سيتيز، المتمسكين بالتقاليد الإسلامية مسكناً أو حساب توفير في مصرف، وإذا كان لديهم حساب توفير فإنهم يتبرعون بالفائدة التي يحصلون عليها إلى المؤسسات الخيرية.

تشمل اتفاقيات التمويل المقبولة حسب الشريعة الإسلامية اتفاقيات شراء- بيع واتفاقيات بيع-إيجار، القروض دون فائدة، العقود الخاصة بالكلفة زائد الربح، الاستثمارات في الأسهم والمشاركة في الشركات أو المشاريع التجارية.

استفاد عثمان علي من اتفاقية شراء-بيع عندما أسس عملاً تجارياً في شهر أيار/مايو لتزويد 400 وجبة طعام تقريباً في الأسبوع وتقديم الطعام في الحفلات إلى مطعم طارق، وهو مطعم صومالي في مينيابوليس. اشترى مركز تنمية الأحياء سيارة دودج كارافان طراز 1995 وغيرها من المعدات، وأعاد بيعها إلى علي بربح قيمته 5323 دولاراً على أساس تسديد الثمن على دفعات شهرية بقيمة 443.64 دولار بسنة واحدة.

ولكن مسلمين آخرين في توين سيتيز، لا تتوفر لهم خيارات كثيرة، استخدموا مدخراتهم واعتمدوا على كرم أفراد العائلة والأصدقاء، كما كانت تفعل مجموعات أخرى من المهاجرين. ويقوم آخرون، بالأخص أفراد الجالية الصومالية، بتجميع أموالهم في مشروع جماعي يشبه نوعاً ما نادي استثماري.

كانت حليمو يوسف واحدة من الذين استفادوا من المشروع الجماعي عندما فتحت قبل سنة متجراً لبيع الملابس أطلقت عليه اسم "المرأة الجميلة" في سوق الكرمل، وهي سوق تجارية صغيرة في مينيابوليس. قالت يوسف انها أنشأت مع شريكها الصومالي وأصحاب أربعة متاجر أخرى في السوق صندوق تمويل: ساهم كل متجر بمبلغ ألف دولار شهرياً واستلم أحدهم مبلغ الخمسة آلاف دولار المجمعة. وفي الشهر التالي يستلم مبلغ الخمسة آلاف دولار متجر آخر إلى ان يكون كل واحد من الشركاء الخمسة قد استلم المبلغ الشهري المجمع البالغ خمسة آلاف دولار. ثم تكرّر الدورة.

تستخدم يوسف المال الوارد دون فائدة لإعادة تجديد مخزونها من الملابس، ومستحضرات التجميل، والأدوات المنزلية المستوردة من شيكاغو ونيويورك والخارج. ولكن لكي تغطي نفقات المتجر أو توسع تجارتها فهي تحتاج إلى تمويل أكبر لشراء بضائع أكثر.

قال إد لامبرت، المدير التنفيذي لاتحاد مينيابوليس وهو اتحاد شركات لتنمية المجتمع لا يبغي الربح في منطقة مينيابوليس، "بوجه عام، إن أفراد الجاليات المهاجرة واسعو الحيلة ويتجهون إلى الحصول على أموال من عائلات ذات فروع متعددة، ولكن هناك الكثيرين (من المسلمين) الذين لا يتوفر لهم هذا النوع من العائلة الموسعة التي تستطيع تزويدهم بهذا النوع من الدعم."

في سعيهم للحصول على تمويل من مصادر أخرى، قد يواجه المسلمون عقبات تتمثل بقوانين الولاية أو القوانين الفدرالية. علاوة على ذلك، يواجه عدد كبير من المجموعات التي لا تبغي الربح التي تحاول مساعدتهم مشاكل في التمويل.

فمثلاً، لم يكن بمقدور المسلمين الاستفادة من برنامج مركز تنمية الأحياء في وقت أبكر هذه السنة لأن البرنامج استنفد أمواله. كان المركز يعتمد على استلام المال من برنامج المبادرات المدينية (الحضرية) لوزارة التجارة والتنمية الاقتصادية في ولاية منيسوتا ولكنه واجه عقبة قانونية. يمنع قانون الولاية استعمال أموال قروض الولاية لشراء معدات وإيجارها إلى مشروع تجاري، كما قال بارت بيفنز، الذي يدير برنامج المبادرات المدينية في الوزارة.

يعتقد بيفنز ان من المحتمل اقتراح إدخال تعديل تشريعي في السنة القادمة. ولكن، كما قال تيمالي، استلم المركز خلال هذا الوقت هبة بقيمة 100 ألف دولار من مؤسسة مينيابوليس للتحرر من الربا ويأمل باستلام أموال من عدة مصادر أخرى.

تردد المصارف
قادت مجموعات لا تبغي الربح، بدلاً من المصارف، جهود التمويل الإسلامي في توين سيتيز لأن المصارف هناك تقول إنها مقيدة بالأنظمة. قد يؤدي تغيير الأنظمة لتتكيف مع حاجات المسلمين إلى إحداث تعديل جوهري في الصناعة المصرفية التي تعمل تقليدياً ببطء في تبني أفكار جديدة.

قال ديفيد رايلينغ، رئيس مجلس إدارة يونيفرسيتي بانك في مدينة سانت بول، "انه مجال جديد للمشرعين. لن يبتكروا أي شيء ولن يقولوا لنا إننا نستطيع القيام بذلك. لكن ان فعل أحدهم ذلك وإذا لم توجد أي انتهاكات صريحة للأنظمة، فإنهم سوف يراقبون ذلك عن كثب ويرون كيفية تطبيقه."

لقد زادت المصارف تقرّبها من المجموعات الاثنية القادمة من أميركا اللاتينية ومن آسيا، إلاّ أن التمويل الإسلامي كان يُشكّل مخاطرة أكبر لانه يتطلب هيكلية مالية جديدة وليس فقط اسماً جديداً لنفس المنتج القديم. ولكن موفي غايبلر، نائب رئيس مصرف ويلز فارغو لشؤون تنمية المجتمع للغرب الأوسط، يشير إلى "انه أمر علينا أن ندركه وأن نتعامل معه لانه يمثل الأسواق الناشئة… وهو الجزء المتنامي من قاعدة الزبائن لدينا."

قد يكون أحد الحلول للصعوبات المالية التي تواجه المسلمين هو إنشاء الاتحاد الائتماني الإسلامي في منيسوتا، وهو مجموعة من المسلمين الذين يحاولون تشكيل وتطوير نظام مالي يعمل ضمن إطار المبادئ الإسلامية. قد يكون هذا الاتحاد أول اتحاد ائتماني إسلامي في الولايات المتحدة.

هذه المجموعة، التي تعمل على تثقيف المسلمين في منطقتهم على ما تعنيه بنوك التسليف، تقوم بجمع الأموال من أفراد الجالية الإسلامية، كما قامت في وقت سابق هذا العام بإطلاق موقع جديد لها على الإنترنت، كما طبعت مواد تثقيفية لتوزيعها في المناسبات الإسلامية، كما يقول فوزي عوض، أحد منظمي هذا النشاط. وهو يريد عرض تأسيس بنك تسليف على مسؤولي الولاية هذا الخريف، ولكنه لم يفاتح الولاية أو الوكالات التنظيمية الفدرالية بشأنه بعد.

قال عوض، "لا نريد ان نعتبر على اننا في صدد تأسيس شيء يختلف عن القاعدة المتبعة ولكننا نريد إنشاء شيء نؤمن به. قد يكون هذا الشيء حلاً لبعض المسائل التي نتعامل معها في المجتمع."

من أقوال الرئيس بوش »

يشرف على هذا الموقع مكتب برامج الإعلام الخارجي بوزارة الخارجية الاميركية. إن الآراء المتضمنة في المواقع المرتبطة بهذا الموقع وغير التابعة للحكومة الاميركية، لا تعكس بالضرورة آراء وزارة الخارجية.
زوروا موقعنا الرئيسي واطلعوا على مزيد من المعلومات والأبواب المفصلة باللغة الإنكليزية: IIP Home Page
الى أعلى الصفحة
blue rule
Search Archives Index to Site International Information Programs Home International Information Programs U.S. Department of State