![]() |
بقلم جين آي. سميث
جين آي. سميث، استاذة للدراسات الإسلامية ومديرة مشاركة لمركز ماكدونالد لدراسة الإسلام والعلاقات المسيحية - الإسلامية في معهد هارتفورد لتعليم الدين في مدينة هارتفورد بولاية كوناتيكت. وهي رئيسة تحرير مشاركة لمجلة "العالم الإسلامي" وهي مجلة متخصصة بدراسة الإسلام والعلاقات المسيحية- الإسلامية. من بين مؤلفاتها الحديثة: "الإسلام في أميركا"؛ "فصل حول الإسلام والعالم المسيحي" في تاريخ أكسفورد للإسلام؛ و"الجاليات الإسلامية في أميركا الشمالية"؛ و"بعثة إلى أميركا: خمس جاليات إسلامية في الولايات المتحدة". |
يمثل المسلمون الذين يعيشون اليوم في الولايات المتحدة اتجاهات وهويات متعددة للغاية: مهاجرون ومواطنون أصليون، سنة وشيعة، محافظون وليبراليون، أرثوذكسيون، وهراطقة. وفي حين يصعب التحديد الدقيق للعدد الحالي من المسلمين بين سكان الولايات المتحدة، فإن أكثر من نصفهم هم من أفراد الجيل الأول أو الثاني أو الثالث من العائلات المهاجرة. ومع ان بعض المسلمين كانوا من بين العبيد الأفارقة الذين جاؤوا للعمل في المزارع في الجنوب الأميركي خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، فإن القليلين منهم احتفظوا بالهوية الإسلامية. لذلك يركّز معظم علماء الدين الإسلامي اهتمامهم على المسلمين المهاجرين الذين جاؤوا إلى غرب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر. حدثت هجرات المسلمين هذه إلى الولايات المتحدة خلال ما يمكن اعتباره سلسلة من الفترات الزمنية التي يمكن تمييزها، وتسمى غالباً "موجات" رغم ان المؤرخين لا يتفقون دائماً حول ما الذي يُشكّل موجة هجرة معينة. جاء أوائل المهاجرين بين عام 1875 وعام 1912 قادمين من المناطق الريفية لما يعرف اليوم بلبنان، وسورية، والأردن، وأراضي السلطة الفلسطينية، وإسرائيل. كانت هذه المنطقة التي تعرف بسورية الكبرى تحت حكم الإمبراطورية العثمانية. وكان معظم الرجال القادمين من هذه المنطقة من المسيحيين مع أن بعضهم كان من مجموعات إسلامية. كانوا بمعظمهم رجالاً غير متزوجين في معظم الحالات مندفعين بالحاجة الاقتصادية، وهم عملوا كعمال وتجار وكانوا ينوون البقاء فقط لما يكفي من الوقت لكسب ما يكفي من المال لإعالة أسرهم في أوطانهم الأصلية. وكان من بينهم أناس هاربون من التجنيد الإلزامي في الجيش التركي. وبصورة تدريجية، بدأوا يستقرون في المنطقة الشرقية، ومنطقة الغرب الأوسط من الولايات المتحدة، وفي المناطق الممتدة على ساحل المحيط الهادئ. القانون الأميركي وموجات الهجرة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، نتج عن زوال الإمبراطورية العثمانية موجة ثانية من الهجرة من الشرق الأوسط المسلم. كانت هذه أيضاً فترة الحكم الاستعماري الغربي في الشرق الأوسط بموجب نظام الانتداب الذي أُنشئ "لحكم" الأراضي العربية. أحدثت الحرب دماراً كبيراً في لبنان لدرجة ان العديد اضطروا إلى الهرب للبقاء على قيد الحياة. قررت أعداد كبيرة من المسلمين الانتقال إلى الغرب، لأسباب سياسية كما واقتصادية. وانضم الكثيرون منهم إلى أقاربهم الذين وصلوا في وقت سابق ورسخوا وجودهم في الولايات المتحدة. ما لبث وان قلص قانون أميركي جديد للهجرة صدر عام 1924 هذه الموجة الثانية من الهجرة من خلال تسريع "نظام الحصص حسب الأصول القومية"، الذي وضع حدوداً لعدد المهاجرين استناداً إلى الأصول القومية لما كانت عليه تلك الأصول من سكان الولايات المتحدة المولودين في الخارج في عام 1890 (تغير التاريخ بعد ذلك إلى عام 1920). خلال الثلاثينات وبموجب هذا النظام، تباطأت حركة هجرة المسلمين إلى الولايات المتحدة بدرجة كبيرة. وتحددت الهجرة خلال تلك الفترة إلى حد كبير بأقارب الأفراد المقيمين فعلاً في الولايات المتحدة بما أنهم يتمتعون بالأفضلية بموجب أحكام هذا النظام. بدأ الكثيرون من المقيمين في الولايات المتحدة يدركون ان أحلامهم في العودة إلى الوطن ربما لن تتحقق، وانهم لذلك بحاجة للدعم والتنظيم اللذين تزودهم بهما أسرهم. شهدت الفترة الثالثة للهجرة، التي يمكن تحديدها بين عامي 1947 و1960، أعداداً متزايدة من المسلمين القادمين إلى الولايات المتحدة، ولكن من بلدان تتجاوز بعيداً منطقة الشرق الأوسط. عدّل قانون الهجرة والجنسية الأميركية لعام 1953 صيغة الحصص المخصصة لكل من دول المنشأ. ولأن القانون استند على النسبة المئوية للسكان منهم في الولايات المتحدة، كما كانت عليه في عام 1920، جاء معظم المهاجرين خلال هذه الفترة بصورة أولية من أوروبا الغربية. رغم ذلك، بدأ المسلمون يأتون إلى الولايات المتحدة من مناطق من العالم مثل أوروبا الشرقية (بصورة خاصة من يوغوسلافيا وألبانيا) والاتحاد السوفياتي السابق، وهاجر عدد قليل من المسلمين من الهند وباكستان، بعد تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947. وبينما انتقل العديد من المهاجرين المسلمين الأوائل إلى مناطق ريفية وحضرية في الولايات المتحدة، كانت غالبية أفراد هذه الموجة الثالثة من المهاجرين من خلفيات حضرية واستقروا بصورة حصرية تقريباً في المدن الرئيسية مثل نيويورك وشيكاغو. كان بعضهم ينتمي إلى أسر النخبة السابقة في الخارج. وكان توجههم الثقافي غربياً أكثر، كما كانوا مندفعين أكثر من الذين سبقوهم وجاؤوا على أمل الحصول على التعليم والتدريب المهني الإضافي في الولايات المتحدة. وحدثت الموجة الرابعة والأكثر حداثة لهجرة المسلمين بعد عام 1965، السنة التي رعى فيها الرئيس ليندون جونسون تشريع قانون الهجرة الذي ألغى نظام الحصص على أساس الأصول القومية الذي دام طويلاً. بموجب النظام الجديد منحت أفضليات الهجرة إلى أقارب المقيمين في الولايات المتحدة والى الذين يملكون مهارات مهنية خاصة مطلوبة في الولايات المتحدة. كان القانون الجديد حدثاً بارزاً في التاريخ الأميركي، إذ جعل من الممكن لاول مرة منذ أوائل القرن العشرين، دخول فرد إلى البلاد بغض النظر عن أصله أو أصلها القومي. بعد العام 1965، بدأت الهجرة من أوروبا الغربية تتراجع بدرجة كبيرة تقابلها زيادة في أعداد القادمين من الشرق الأوسط وآسيا. خلال هذه الفترة الزمنية كان اكثر من نصف عدد المهاجرين إلى الولايات المتحدة من هذه المناطق من المسلمين. إذاً، وحتى العقود الأخيرة من القرن العشرين، كان غرض معظم المسلمين الذين قدموا إلى الولايات المتحدة هو تحسين وضعهم الاقتصادي أو الدراسة، إضافةً إلى ان البعض منهم كانوا قد هاجروا بعد الحرب العالمية الأولى بسبب الاضطرابات السياسية في بلدانهم. وقد شكّل الاضطراب السياسي في بلدانهم الأصلية حافزاً أولياً للكثير من القادمين حديثاً من المسلمين إلى الولايات المتحدة. ومن بين الأحداث المحددة التي أدّت إلى قدوم المهاجرين واللاجئين إلى الغرب كان الفرار والبحث عن ملجأ آمن بسبب الهزيمة العسكرية للدول العربية على يد الإسرائيليين في العام 1967، والحرب الأهلية في لبنان وما تبعها من نتائج. دفعت الثورة الإيرانية ووصول الإمام الخميني إلى السلطة سنة 1979، التي تبعها حوالي عقد كامل من الحرب المدمرة بين العراق وإيران، دفعت بعض الإيرانيين إلى الهجرة باتجاه الغرب. استقر العديدون منهم في الولايات المتحدة، واختار الكثيرون من بينهم الإقامة في ولاية كاليفورنيا. يُقدر انه هناك حوالي مليون إيراني في الولايات المتحدة اليوم. ومنذ احتلال العراق للكويت وحرب الخليج، هاجر عدد كبير من الأكراد إلى هذه البلاد. كما ونتيجةً لأسباب الاضطرابات السياسية والحروب الأهلية، أتت حديثاً أعداد من المهاجرين من الصومال، والسودان، ودول إفريقية أخرى، وأفغانستان، كما وصل لاجئون مسلمون هاربون من عمليات التطهير الاثني في يوغوسلافيا السابقة. لعقود طويلة، شجعت الأشكال المختلفة من الاضطرابات في الهند وباكستان العديد من شبه القارة الهندية على البحث عن بيئة اكثر هدوءاً في الغرب. وكانت بريطانيا والولايات المتحدة مقصدين مفضلين بشكل خاص. ولئن شكل الباكستانيون والهنود والبنغلاديشيون قسماً صغيراً من المهاجرين المسلمين إلى الولايات المتحدة طوال القرن العشرين، فإن أعدادهم قد ازدادت بدرجة مهمة على مدى العقود الأخيرة، ويبلغ عددهم اليوم ربما أكثر من مليون نسمة. لعب الباكستانيون والهنود المسلمون، الكثيرون منهم من المتخصصين الماهرين كالأطباء والمهندسين، دوراً هاماً في تطوير المجموعات السياسية الإسلامية في الولايات المتحدة، وفي ظهور زعامات علمانية للجاليات المنظمة للمساجد. واليوم تصل أعداد متزايدة باستمرار من المسلمين القادمين من دول مثل إندونيسيا وماليزيا. يتحلى الكثير من هؤلاء المهاجرين بتدريبات عالية وغالباً ما يحتلون مراكز قيادية في المجتمع المسلم الأميركي. جالية معقدة التركيب يستمر المسلمون العرب، من السنة والشيعة، في تشكيل نسبة مهمة من الجالية الإسلامية في الولايات المتحدة. وبصورة متزايدة، بات المسلمون الأميركيون من ذوي التحصيل العلمي العالي كما أنهم على درجة كبيرة من الاحتراف والاختصاص بنجاح، ويعملون أيضاً كقياديين في تطوير جالية إسلامية في الولايات المتحدة تتجاوز الحدود القومية والإثنية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأتراك والأوروبيين الشرقيين والمهاجرين من العديد من الدول الأفريقية، بضمنها غانا، وكينيا، والسنيغال، وأوغندا، والكاميرون، وغينيا، وسيراليون، وليبيريا، وتنزانيا، ودول عديدة أخرى، هم أعضاء بارزون جداً من الجالية الإسلامية المعقدة التركيب التي تُشكّل الأمة الإسلامية الأميركية. لا يسعى المسلمون المهاجرون إلى معرفة كيفية الترابط والعمل مع بعضهم البعض بصورة فعالة وحسب، بل يواجهون أيضاً مسألة كيفية الالتحام بأعضاء الحركات المختلفة للمسلمين الأميركيين الأفارقة. يجد المهاجرون الأفارقة القادمون حديثاً ان التركيبة المكونة من الدين والاثنية معقدة بشكل خاص. فخلال الأيام المبكرة للهجرة العربية إلى الولايات المتحدة عند نهاية القرن التاسع عشر غالباً ما اغتنم العديد من المسلمين - مثل الجيل الأول للمهاجرين من جميع الجنسيات - الفرصة لتحسين أوضاعهم من خلال الأعمال البسيطة، كتجار صغار، أو عمال مناجم. وامتهن الكثير من المسلمين العرب مهنة البيع المتجول وهي لا تتطلب الكثير من المهارات اللغوية، أو التدريب، أو رأس المال. وانضم آخرون إلى فرق العمال كتلك التي اشتركت في مشاريع إنشاء خطوط السكة الحديدية المتوسعة بسرعة إلى الغرب. ومع بدء انضمام النساء المسلمات إلى الرجال الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة، وجدن لهن غالباً عملاً في المعامل والمصانع حيث كن يعملن لساعات طويلة تحت ظروف عمل صعبة جداً. كانت هذه السنوات المبكرة صعبة جداً للمسلمين في الولايات المتحدة، وعانى الكثير منهم الوحدة والفقر، ومن عدم معرفة اللغة الإنجليزية وغياب العائلة الموسعة والأخوة في الدين. ولكن بصورة تدريجية، ومع بقائهم لمدد أطول، أدركت الأعداد المتزايدة باستمرار من المسلمين ان الرجوع إلى الوطن لم يعد احتمالاً ممكنا، وبدأوا يستقرون ضمن المجتمع الأميركي. تزوجوا بطريقة أو بأخرى - لجأ الشبان الذين لم يتمكنوا من إيجاد شريكات مسلمات إلى جلب زوجاتهم من أوطانهم الأصلية، أو، في بعض الحالات، تزوجوا نساء من خارج دينهم. بدأوا يجدون عملاً في شركات تجارية دائمة اكثر ويعتمدون غالباً على مهاراتهم التقليدية لتأسيس المطاعم والمقاهي، والمخابز، ومحلات البقالة. تعلموا اللغة الإنجليزية وبدأوا يحققون استقلالاً اقتصادياً أكبر ويسعون لإيجاد مسلمين آخرين بغية تشكيل جاليات يمكنهم فيها بدء التعليم الديني لأولادهم. ولكن نادراً ما وجد المسلمون الحياة في الولايات المتحدة سهلة. يقال غالباً ان الولايات المتحدة هي "دولة مهاجرين"، و"بوتقة صهر" لجميع الأجناس والهويات الاثنية ولكن التحيز العرقي، بالأخص خلال الفترة التي سبقت ظهور حركة الحقوق المدنية في الستينات، كان يُمارس بالتأكيد. لذلك، ولسنوات عديدة، كانت ردة فعل العديد من المهاجرين المسلمين محاولة إخفاء هوياتهم الدينية والاثنية، وتغيير أسمائهم لجعلها تبدو أميركية أكثر والامتناع عن المشاركة في ممارسات أو ارتداء ملابس تجعلهم يبدون "مختلفين" عن المواطن الأميركي العادي. بصورة تدريجية، ومع ازدياد عدد أفراد الجالية الإسلامية المهاجرة، أصبحت الجالية اكثر تنوعاً، وأفرادها اكثر ثقافة، وتوضحت أكثر مفاهيمهم الذاتية ومهّدت محاولات الاندماج في المجتمع الأميركي الطريق إلى إجراء مناقشات اكثر تعقيداً حول أهمية العيش في الولايات المتحدة مع الاحتفاظ بنفس الوقت بشعور الفرد بانتمائه إلى ثقافة دينية خاصة به. جاء قسم من بيئة سياق هذه المناقشات نتيجة تشكيل الجاليات الإسلامية، السنية، والشيعية، عبر الريف الأميركي والمدن الأميركية، وخلال سنوات اكثر حداثة، من منظمات إسلامية على الصعيد القومي الأميركي تمثل أشكال التجمعات الدينية، والسياسية، والمهنية، والاجتماعية. الاستقرار عبر الولايات المتحدة قلما تجد اليوم مناطق في الولايات المتحدة لا يقطنها مسلمون، فهم يعيشون ويعملون ويرسلون أطفالهم للدراسة في المدارس العامة فيها، وفي مرافق يمكن التعرّف على هويتها مخصصة للعبادة الإسلامية (مساجد، ومساكن مُعاد تجديدها، وحتى واجهات محلات) تنتشر في كل مكان. استقرت أولى الجاليات الإسلامية في الولايات المتحدة في منطقة الغرب الأوسط من البلاد. في ولاية نورث داكوتا، نظم المسلمون حقوقهم لاداء الصلوات في أوائل القرن العشرين؛ وفي ولاية انديانا، باشر مركز إسلامي نشاطه سنة 1914؛ وهناك في مقاطعة سيدار رابيدس بولاية ايوا، اقدم مسجد إسلامي لا زال المصلون يؤمونه حتى اليوم. ظلت بلدة ديربورن بولاية مشيغان، الواقعة خارج مدينة ديترويت، لمدة طويلة، مكاناً يقصده مسلمون من السنة والشيعة قدموا من أنحاء عديدة من الشرق الأوسط، للسكن والإقامة. جذبت هذه البلدة العديد منهم بسبب توفّر العمل في مصانع شركة فورد للسيارات الموجودة فيها. وبعد ان كونوا جالية انضم إليهم مسلمون آخرون. وهكذا صار مسلمو ميشيغان، الى جانب مهاجرين مسيحيين قدموا من دول شرق أوسطية مختلفة، يُشكّلون أكبر جالية اميركية عربية في البلاد. برزت مدن أميركية رئيسية أخرى كمناطق مفضلة للسكن من جانب المسلمين المهاجرين إلى الولايات المتحدة. وفّرت أحواض السفن في مدينة كوينسي، بولاية مساتشوسيتس، في ضواحي مدينة بوسطن فرص العمل للمهاجرين المسلمين منذ أواخر القرن التاسع عشر. واليوم يضم مجمع المركز الإسلامي لنيو انغلاند، الذي كان حلم مجموعة صغيرة من العائلات التي استقرت هناك خلال أولى سنوات القرن العشرين، مسجداً رئيسياً ومرافقاً تخدم رجال أعمال ومعلمين ومهنيين آخرين كما تجاراً وعمالاً. كان الإسلام حاضراً وظاهراً في مدينة نيويورك لمدة تزيد عن قرن كامل. في معظم فترات تاريخها، كانت أكبر مدينة في الولايات المتحدة مقراً لمجموعة متنوعة كبيرة من الجماعات الاثنية، وكان من بين سكانها المسلمين بحارة سفن تجارية، وتجار، وأصحاب أماكن تسلية، ومهنيون، وموظفو شركات، وأصحاب مشاريع تجارية رئيسية. يتألف المسلمون في نيويورك من مجموعة واسعة من الجنسيات من كل بلد في العالم تقريباً. ازدهرت أعمال بناء المساجد في نيويورك ووجدت المنظمات الإسلامية القومية المدينة بأنها مكان مفيد بشكل خاص لتوسيع نشاطاتها، وتنشأ اليوم في كافة أحياء المدينة أعداد كبيرة من مدارس ابتدائية وثانوية إسلامية كما محلات ومتاجر وشركات تجارية يملكها مسلمون. كانت مدينة شيكاغو بولاية الينيوي، مكان سكن مُبكر للمهاجرين المسلمين، ويدعي البعض انه كان يقطنها عدد من المسلمين في أوائل القرن العشرين اكثر من عدد المسلمين في أي مدينة أميركية أخرى. واليوم فان المسلمين في شيكاغو هم من المهاجرين القادمين من الشرق الأوسط، والهند، وآسيا الوسطى والجنوبية، ومناطق أخرى عديدة من العالم. ينشط هؤلاء المهاجرون في الترويج لدينهم ويزودون سلسلة من الخدمات إلى الجالية الإسلامية، ويتفاعلون مع بعضهم البعض كما مع غير المسلمين. استقرت اكثر من 40 مجموعة إسلامية مختلفة في منطقة شيكاغو الكبرى. بصورة مماثلة، وجد المسلمون في مدن لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا بيئة مناسبة للازدهار. يمثل هؤلاء أيضاً معظم مناطق العالم الإسلامي، وقد أضيف إليهم حديثاً جداً الأفغان والصوماليون ومواطنو دول إفريقية أخرى. ان المركز الإسلامي لكاليفورنيا الجنوبية هو أحد اكبر المؤسسات الإسلامية في الولايات المتحدة. وقد اشتهر موظفوه المدربون جيداً بمكانتهم وزعامتهم للجالية. تزود تجهيزات المجمع المثير للإعجاب التابع للمركز جميع الخدمات التي يمكن ان تحتاج إليها الجالية المسلمة المهاجرة. يستمر المسلمون المهاجرون المعاصرون بمواجهة تحديات كمقيمين في الولايات المتحدة، ويعالجون هذه التحديات عبر طرق متنوعة. ان مسائل الهوية، والعمل، واللباس، والتبادل الثقافي مهمة بصورة خاصة للكثيرين من الأميركيين المسلمين. تشمل المسائل الأخرى الرئيسية العلاقات بين مختلف المجموعات الإسلامية العرقية والاثنية كما مع أميركيين مسلمين آخرين؛ تتعلق بكيف وأين يجب تزويد التعليم الإسلامي لأطفال المهاجرين؛ والأدوار وفرص العمل المؤمنة للنساء المسلمات. ينتقل العديد منهم من مرحلة الانفصال عن التيار العام للحياة الأميركية إلى مرحلة المشاركة الاكثر نشاطاً في المجالات السياسية والاجتماعية. ويبدو ان الأميركيين المسلمين بدأوا ينتقلون إلى مرحلة أخرى من تحديد هويتهم بحيث تتم مواجهة هذه الأنواع من المسائل وحلها بطرق جديدة مبتكرة. من الممكن جداً أن تكون نتيجة ذلك بدء ظهور إسلام أميركي حقيقي، جاء نسيجه من أقمشة العديد من الهويات القومية، والعرقية، والاثنية. | |||||
أعداد السكان من الصعب جداً تقدير العدد الدقيق للمسلمين الذين يعيشون حالياً في الولايات المتحدة. يميل المسلمون إلى رفع العدد نوعاً ما عن العدد الذي وضعه علماء وديموغرافيون غير مسلمين، وتتراوح الأرقام المقدرة بنسبة واسعة من حوالي مليونين، كما جاء في إحدى الدراسات، إلى ما يقرب من سبعة ملايين نسمة حسب دراسات أخرى.هناك عدة أسباب لهذه التقديرات المتباينة. أولاً، لان الدستور الأميركي ينص على فصل الدين عن الدولة ويعكس ذلك في القوانين الأميركية، إذ لا تطلب استمارات الإحصاء السكاني التي يوزعها مكتب الإحصاء السكاني في الولايات المتحدة من مستلمي هذه الاستمارات ذكر انتمائهم الديني. كما ان دائرة الهجرة الأميركية لا تجمع معلومات حول دين المهاجرين. وهناك مساجد عديدة في الولايات المتحدة ليس لها سياسات رسمية لتحديد عضويتها ونادراً ما تحتفظ بأرقام دقيقة لعدد الذين يؤدون الصلاة فيها. يقول مارتن مارتي، عالم اللاهوت في جامعة شيكاغو "لقد أصبح تعداد الأنفس يعتمد على مصدرين، أحدهما هو قيام المتخصصين باستطلاعات الرأي العام الذين يتصلون بالناس خلال فترة العشاء لسؤالهم، ما هو دينكم؟ والمصدر الآخر هو رؤساء الأديان على المستوى المحلي والقومي. قد يكون لدى الأفراد الذين يردون على الأسئلة التي يطرحها عليهم عبر الهاتف القائمون بعمليات استطلاعات رأي السكان مختلف أنواع الحوافز التي تجعلهم يؤكدون بأنهم من أفراد هذه المجموعة أو تلك، أو أنهم لا ينتمون إلى أي مجموعة على الإطلاق، وقد يكون أيضاً لدى الذين يقدمون معلومات حول حجم رعيّتهم، أو طوائفهم، أو جماعتهم حوافز مختلفة." وتكون النتيجة النهائية هي عدم وجود إحصاء رسمي لعدد المسلمين في الولايات المتحدة كما عدم وجود رقم مقبول بصورة عامة من قبل كل الذين درسوا هذه المسألة. |
يشرف على هذا الموقع مكتب برامج الإعلام الخارجي بوزارة الخارجية الاميركية. إن الآراء المتضمنة في المواقع المرتبطة بهذا الموقع وغير التابعة للحكومة الاميركية، لا تعكس بالضرورة آراء وزارة الخارجية. زوروا موقعنا الرئيسي واطلعوا على مزيد من المعلومات والأبواب المفصلة باللغة الإنكليزية: IIP Home Page ![]() |
![]() |