![]() |
|
دور مجموعات أصحاب المصالح
"إن مجموعات أصحاب المصالح هي مجموعات منظّمة من الأفراد الذين يتشاطرون بعض الأهداف، ويحاولون التأثير على السياسة العامة."
جيفري بيري، جمعية مجموعات أصحاب المصالح تُشكّل مجموعات أصحاب المصالح إحدى الآليات المهمة التي يُعبّر من خلالها المواطنون في الولايات المتحدة عن أفكارهم، وحاجاتهم، وآرائهم للمسؤولين المنتَخبين. وبإمكان المواطنين أن يجدوا عادة مجموعة من بين مجموعات أصحاب المصالح تُركّز اهتمامها على مشاكلهم الخاصة، مهما كانت هذه المشاكل مختصة. تُبيّن سجلات الجمعيات الأميركية التطوعية تنّوعاً كبيرا من الأسباب التي تدفع المواطنين إلى الارتباط معاً. تُعتبر موسوعة الجمعيات التي تنشرها مؤسسة غيل للأبحاث واحدة من أكثر هذه اللوائح شمولاً. وفي حين لا تقوم كل هذه المجموعات بنشاط سياسي، إلا أن عدداً كبيراً منها يحاول التأثير على السياسة العامة. إن كلا من الهيكلية الرسمية والتقاليد غير الرسمية للسياسة في أميركا توفّر ارضاً خصبة لقيام مجموعات أصحاب المصالح. وإحدى مزايا النظام الأميركي التي تُعزّز نفوذ هذه المجموعات هو الضعف النسبي للأحزاب السياسية الأميركية، والذي ينجم، جزئياً، عن فصل السلطات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية للحكم. في نظام برلماني مثل نظام بريطانيا العظمى، حيث يعتمد استمرار رئيس الوزراء في الحكم على دعم الأغلبية في البرلمان، تُمارس الأحزاب سيطرة كبيرة على أعضاء المجلس التشريعي، وبالنتيجة، على صنع السياسة. بالمقابل، فإن انتخابات رئيس الولايات المتحدة وأعضاء الكونغرس حدثان منفصلان سياسياً حتى لو أجريت هذه الانتخابات في الوقت نفسه. يتوجّب عل كل عضو في المجلس التشريعي أن يُنشىء في ولايته أو منطقته تحالفاً يستطيع أن يحقق الفوز، وتختلف طبيعة هذه التحالفات بدرجة كبيرة عن تحالف الأغلبية القومية الذي يقوم مرشح رئاسة الجمهورية الناجح بتجميعها. والإثبات الواضح لذلك هو أن الكونغرس والرئاسة سيطرا على حزبين متعارضين في معظم الأوقات منذ الحرب العالمية الثانية. وكانت نتيجة ذلك هو أن لا أعضاء الحزب الجمهوري ولا أعضاء الحزب الديمقراطي ملزمون بصورة ثابتة بدعم مواقف رئيس حزبهم، او برنامج حزبهم الانتخابي. ان ضعف الولاء الحزبي يؤدي الى زيادة تأثير مجموعات المصالح، خلال فترة الانتخابات، عندما قد يكون دعمها المالي حاسماً، وكذلك بعد الانتخابات عندما تنهمك المجموعات التي دعمت المرشح الفائز في صنع السياسة. تتمثل السمة الثانية للنظام الذي يشجع مجموعات أصحاب المصالح بلا مركزية السلطة السياسية لصالح الولايات والمناطق، ويعرف ذلك بالنظام الفدرالي أو "الفدرالية". تتأسس جمعيات المواطنين في أحيان كثيرة على مستوى الولاية والمستوى المحلي، وتندمج في وقت لاحق في منظمات قومية. وقد قام هذا النظام اللامركزي بتشجيع ظهور تنوّع أوسع من مجموعات أصحاب المصالح. كما قام ايضاً وبدرجة اكبر بإضعاف نظام الحزبين، لأن التنوع الاجتماعي والاقتصادي للولايات الخمسين يجعل الانضباط الحزبي الدقيق امر صعب التحقيق. بالإضافة إلى ذلك، فإن وجود قضاء مستقل وقوي في النظام الأميركي يؤدي الى زيادة سلطة مجموعات أصحاب المصالح. في كثير من الأحيان، تُصدر المحاكم الأميركية قرارات حول قضايا قد تقع، في أنظمة ديمقراطية أخرى، تحت سيطرة الهيئة التشريعية أو البيروقراطية. وهكذا، فإن مجموعات أصحاب المصالح يمكنها اللجوء إلى القضاء لتحقيق أهداف سياسية لا يمكن لها تحقيقها من خلال العمل التشريعي. فمثلاً، في أوائل الخمسينات، أحدثت الانتصارات في المحاكم التي حققتها الجمعية القومية لتقدم الملونين أولى التصدعات في نظام التمييز العرقي الأميركي، وذلك قبل سنوات عديدة من قيام الكونغرس، الذي كان يسيطر الجنوبيون فيه على المراكز الرئيسية بأي عمل. وأخيراً، يعني التقليد الأميركي في الحرية غير المحدودة للكلام، والصحافة، والتجمع أن كل وجهة نظر تقريباً تعبر عنها مجموعة أصحاب مصالح، مهما كانت متطرفة، يُسمح لها بإسماع صوتها لعامة الشعب. من الأكيد، أن زيادة تمركز عمل وسائل الإعلام منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية زادت من صعوبة كسب الإصغاء الجدي لآراء المجموعات ذات الآراء المتطرفة. على الرغم من ذلك، فقد تم إبطال هذا الاتجاه التمركزي جزئياً بسبب منح إمكانية الوصول الى شبكة الانترنت لمجموعات أصحاب المصالح. بصورة إجمالية، فإن التقاليد الأميركية في حرية الكلام وحرية الصحافة، التي تقدم فرصاً عديدة للإعلان عن مشاكل المجتمع وطرح المواقف على السياسة العامة، ُتشجع تشكيل مثل هذه المجموعات. * عالم مجموعات أصحاب المصالح * الأعمــال إلاّ أن الأعمال تستخدم كأدوات ضغط مباشرة من أجل النفوذ. تستخدم الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات مواردها الهائلة لتحقيق أهدافها السياسية. تكون هذه الشركات عادة عضو في جمعيات تجارية متعددة، تمثل كل وجهات نظر ذلك القطاع الاقتصادي في العملية السياسية. تقوم هذه الشركات ايضاً بدعم مجموعات "جامعة" مثل الجمعية القومية للمنتجين، وغرفة التجارة الأميركية التي تتحدث باسم مجتمع الأعمال بكامله. أخيراً، تؤثر الشركات الفردية مباشرة على أعضاء المجالس التشريعية، وتساهم في دفع ملايين الدولارات من أجل تسديد نفقات حملات المرشحين الذين تؤيدهم. * الاتحادات العمالية * الجمعيات المهنية * مجموعات المصالح ما بين الحكومات * مجموعات أصحاب المصالح العامة تعاني مجموعات أصحاب المصالح العامة عادة من نقص في الموارد المالية التي تتوفر لمجموعات الأعمال. وفي حين أن القضايا التي تدافع عنها تحصل في أحيان كثيرة على تأييد الشعب استناداً إلى استفتاءات للرأي العام، فأن للقليل منها عدد كبير من الأعضاء، وأحد أسباب ذلك هو أن الطبيعة غير الملموسة لأهدافها تساهم في مشكلة "المستفيد مجاناً"، أي ان الفرد يستطيع الاستفادة من جهود مجموعة أصحاب المصالح بدون أن يكون عضواً فيها أو على الأقل بدون أن يرتبط بقوة بها. مع ذلك، تستخدم المجموعات أصحاب المصالح العامة هذه خبراتها وجهود جمع المعلومات لإثارة قضايا لا تتطرق اليها أي مجموعات أخرى. بصورة مبدئية، كانت معظم هذه مجموعات تقف إلى يسار النطاق السياسي. رغم ذلك، وفي السنوات الأخيرة نظم المحافظون ايضاً مجموعات مماثلة خاصة بهم وذلك رداً، إلى حد كبير، على التحول الليبرالي الملحوظ في السياسة العامة في الستينات والسبعينات من القرن الماضي. من بين مجموعات أصحاب المصالح العامة الرائدة المصنفة في هذه الفئة المحافظة نذكر الاتحاد القومي لمكلفي الضرائب، ومجموعة النساء المهتمات في أميركا. قد تعمل مؤسسات الأبحاث المحافظة مثل مؤسسة هيريتيج أيضا كمجموعات أصحاب المصالح بما ان أبحاثها تميل إلى تأييد النظرة المحافظة للعالم. وربما يمكن قول نفس الشيء حول معهد الحياة المدينية الذي يقف على الجانب الليبرالي. تشبه مجموعات أصحاب المصالح العامة الأهلية هذه المنظمات غير الحكومية التي ظهرت على المسرح الدولي منذ الثمانينات من القرن الماضي. وبالفعل فإن لبعض الهيئات الأميركية علاقات وثيقة مع المنظمات غير الحكومية الدولية. في كلا الحالتين، يأتي الدعم من مواطنين مهتمين بالمسألة الاجتماعية العامة، وليس بمصالح اقتصادية آنية. * حدود فعالية مجموعات أصحاب المصالح * عدد وتماسك الأعضاء صحيح ان هناك ملايين من المواطنين ينتمون إلى مجموعات أصحاب مصالح، وان بعض هذه المجموعات ضخمة جداً، مثل نادي سييرا المدافع عن البيئة، واتحاد العمال الأميركي/مؤتمر المنظمات الصناعية، وهي منظمة عمالية. رغم ذلك، فإن تفحص الأمر عن كثب يظهر بأن معظم المجموعات ذات العضوية الجماهيرية لا تسجل كأعضاء إلاّ جزءاً صغيراً من مؤيديها المحتملين. فمثلاً، أظهرت عمليات الاستفتاء أن غالبية كبرى من الأميركيين تؤيد إصدار قوانين بيئية قوية. يشكل هؤلاء المؤيدون تجمعاً يضم ملايين من الأعضاء المحتملين لمجموعات أصحاب المصالح البيئية. لكن، حتى اكبر المجموعات البيئية تدعي بأن عدد أعضائها يقل عن مليون شخص. يتطابق هذا العدد الصغير نسبياً من الأعضاء مع المبدأ الإجمالي القائل بأن عدد المواطنين الذين ينضمون إلى مجموعات أصحاب المصالح لا يشكّلون إلاّ جزءاً صغيراً من مجموع السكان في الولايات المتحدة. قدم العالم الاقتصادي الراحل مانكور أُولسون افضل تفسير ممكن لهذه الظاهرة. اذ أكد ان تحقيق هدف سياسي من قبل مجموعة أصحاب المصالح هو، بلغة اقتصادية، عمل "للصالح العام". أي أن فوائد نجاح إحدى المجموعات يتمتع بها جميع الذين يتفقون مع موقفها بغض النظر عن انضمامهم الفعلي ام لا إلى هذه المجموعة. ولذلك، اذا تم إنقاذ الحيتان من الانقراض، يمكن ان يشعر المرء بارتياح من وجود مثل هذه المجموعات، حتى لو لم يكن قد ساهم بأي مبلغ لمجموعة "أنقذوا الحيتان". من الصحيح بالطبع انه في حال لم يقم أي فرد بالمساهمة فإن مثل هذه المجموعات لن تكون موجودة. لكن في المجموعات الكبيرة تكون المساهمات الهامشية لكل عضو جديد ضئيلة. ولذلك، في حين ان آلاف المؤيدين سوف ينضمون الى مثل هذه المجموعات، فان عديدين آخرين لن يقوموا بالانضمام أليها أو لن يلتزموا تماماً بها، ويصبحون عندئذ "من المستفيدين مجاناً" أي يتمتعون بالفوائد نفسها التي يتمتع بها آخرون يشاركون في النشاط والمساهمة المالية . هناك أيضاً مشكلة خطيرة أخرى تواجه مجموعة أصحاب المصالح ذات العضوية الجماهيرية ألا وهي ترجمة دعم المواطنين للمجموعة الى أصوات للمرشحين الذين يساندون أهدافها. إن الانتخابات عملية معقدة، وتشمل حوافزاً وتأثيرات متعددة، مثل: شخصية المرشح، الولاء للحزب، ومجموعة من القضايا المطروحة. أظهرت دراسات حول شؤون التصويت ان ناخبين كثيرين لا يدركون بالكامل المواقف السياسية التي يتخذها المرشحون الذين يؤيدونهم. ولنتيجة لذلك، يكون من الصعب في كثير من الأحيان على مجموعة ما أن تُبيّن بأن خيارات تصويت مؤيديها حفزّتها بصورة أولية القضايا الخاصة بالمجموعة. فالمجموعات التي تستطيع إقناع المرشحين بقوتها الانتخابية تصبح محترمة وتؤخذ في عين الاعتبار. مثلاً، تمكنت جمعية البندقية القومية، التي تعارض قوانين مراقبة السلاح من إقناع المشرعين بأن أعضاءها سوف يصوتون معهم أو ضدهم استناداً إلى موقفهم تجاه هذه المسألة. لذلك، استخدمت الجمعية نفوذاً لا يتناسب مع عدد أعضائها رغم ان معظم الأميركيين يؤيدون اصدار قوانين أكثر صرامة لمراقبة الأسلحة. بسبب الصعوبات في حشد عضويات جماهيرية، فإن ليس من المستغرب ان تمارس في أحيان كثيرة المجموعات الصغيرة المتماسكة والتي لديها حماس حاد نفوذاً يفوق ما قد يوحي به عدد اعضائها. أولاً، كلما قلّ عدد الأعضاء في المجموعة، كلما زادت المساهمة الهامشية لكل عضو فيها بحيث ينخفض عدد "المستفيدين مجاناً". ثانياً، والى ان ظهرت شبكة الانترنت، كانت الاتصالات بين الأعضاء أسهل بكثير في المجموعات الأقل عدداُ مما سهّل عليها كثيراً عملية تعبئة الأعضاء. اذا تم تعزيز ميزات هذه المجموعات الصغيرة من قبل أعضائها الذين لديهم مصلحة كبيرة في الحصول على نتائج سياسية، عندئذٍ تصبح هذه المجموعات الصغيرة قوية جداً. * المــال بالإضافة إلى ذلك، يجب توفير موارد مالية كبيرة لهذه المجموعات للمحافظة على موقع لها في واشنطن في فترات ما بين الانتخابات. تحتاج أي مجموعة الى موظفين مهنيين للتأثير على التشريعات التي تؤثر في مصالحها، بالإضافة إلى الموظفين الضروريين لتأمين الاتصالات مع أعضائها وتقديم الخدمات إليهم. لا تستطيع المجموعات، بدون وجود مستمر لها في واشنطن، ان تمارس نفوذاً خلف الكواليس على تفاصيل التشريعات، وهو النفوذ الذي يشكل معلماً لأي مجموعة مصالح ناجحة. يتفاعل المال ايضاً مع عوامل العضوية وتماسكها. بغية التغلب على مشكلة المستفيدين مجاناً، على المجموعات ان تجذب اليها "المتعهدين السياسيين"، أي افراداً يسعون للحصول على مكافآت مادية أو مهنية أو أيديولوجية من تنظيمهم لمجموعة مصالح ناجحة. ولتحقيق ذلك، يجب ان يكون للعضوية المحتملة من مجموعة أصحاب المصالح موارد من الأعضاء تكفي لتأمين قاعدة تنظيمية واعدة. تولّد هذه الحاجة إلى الفائض حداً أدنى للدخل، بحيث لا تستطيع المجموعات المحتملة ان تنظم نشاطاتها اذا قلّ دخلها عن هذا الحد الأدنى. لهذا السبب، فان مجموعات قليلة العدد نسبياً تمثل الفقراء مباشرة. لكن فوق هذا الحد الأدنى، يُصبح دور الموارد اكثر تعقيداً. نظرياً، قد يعتقد الفرد بأن مجموعة ذات مليون عضو يساهم كل عضو فيها بمبلغ 5 دولارات قد تجمع مبلغاً يصل إلى خمسة ملايين دولار، كما تستطيع ذلك ايضاَ مجموعة ذات عشرة آلاف عضو يساهم كل عضو فيها بمبلغ 500 دولار. لذلك فإن المساوىء الحقيقية للمجموعات الكثيرة العدد تصبح واضحة عند الأخذ في الاعتبار مشكلة المستفيد المجاني، إضافة الى ارتفاع النفقات الإجمالية للاتصال بالأعضاء الكثر. وهناك عامل آخر يؤثر على تعبئة أي مجموعة لمواردها ألا وهو، معرفة ما اذا كانت عضويتها مكونة من مواطنين فرديين أو من منظمات اخرى. ان العديد من مجموعات أصحاب المصالح القوية هي في الواقع تنظيمات لتنظيمات أخرى. يشمل ذلك جمعيات أعمال تجارية، ومهنية، ومجموعات تمثل مزودين لخدمات عامة لا يبغون الربح. ان مجموعة مكونة من تنظيمات اخرى لديها عدد أقل من الوحدات عليها تعبئتها، بينما يمكنها الاستمرار في الادعاء بأنها تمثل آلاف الناس المنتمين إلى هذه الوحدات. علاوة على ذلك، يستطيع أعضاؤها استخدام الموارد التنظيمية، وليس الموارد المالية الشخصية لدعمها. * المعلـومات اولاً، تمر المعلومات من مجموعات أصحاب المصالح إلى صانعي القرار. تملك المجموعات في اكثر الأحيان معرفة فنية لا يملكها المشرّعون، وهي توّاقة لتعليم المشرعين المسائل التي تهمها. من الصحيح ان المعلومات التي تزودها تتضمن بوجه عام انحيازاً يعزز مصالح المجموعة. يُدرك المشرعون جيداً وجود مثل هذا الانحياز، لكنهم قد يستمرون في اعتبار هذه المعلومات مفيدة. ان إحدى الميزات الرئيسية لوجود المجموعات المتواصل في واشنطن هي توفر فرصة تزويد المعلومات إلى المشرعين عند المفاصل الرئيسية في عملية صنع القرار. ثانياً، تتدفق المعلومات من السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى أصحاب المصالح. يتابع موظفو هذه المجموعات مسار المقترحات التشريعية، وبذلك يُصبحون على علم تام بأفضل الأوقات ملاءمة لمحاولة التأثير على العملية التشريعية. تؤمن اتصالاتهم غير الرسمية بموظفي الكونغرس فرصاً للإدلاء بشهادتهم في جلسات الاستماع، ولتعبئة أعضاء مجموعتهم عندما يصبح التصويت الحاسم قريب الحدوث. من خلال هذه العملية، يعرفون أي من الممثلين السياسيين هم الأكثر قوة، وما هي الاستراتيجيات التي تؤمن كسب تأييدهم. أحياناً، يمكنهم أيضاً الحصول على تعديل للنص المفصل لقانون معروض في الكونغرس، مما يؤثر على مفعوله. وأخيراً، تتبادل مجموعات أصحاب المصالح المعلومات مع أعضائها، ومع مواطنين آخرين. قد تقوم المجموعة بإجراء تحقيقاً أو إنها تكلف من يجري دراسة تعبّر بشكل مثير عن مشكلة ما. إذا جذبت هذه المجموعات اهتماماً كافياً من وسائل الأعلام، يشعر المشرعون بالضغط لضرورة الاستجابة. كما تقوم هذه المجموعات بطلب معلومات من أعضائها وإعلامهم بالقرارات القادمة. في معظم القضايا التشريعية يتصل عدد قليل فقط من المواطنين العاديين بالمشرعين المنتخبين من مناطقهم. لذلك فإن 200 رسالة يتم تنسيق أمر إرسالها من قبل المجموعة قد تبدو كعاصفة من البريد. ان النمو السريع لشبكة الإنترنت خلال السنوات الخمس الماضية قد خفض بصورة جذرية كلفة الاتصالات بين إعداد كبيرة من المواطنين. تملك معظم مجموعات أصحاب المصالح مواقع على الإنترنت وتستعمل العديد من هذه المجموعات طريقة البريد الإلكتروني للاتصال بأعضائها، وكذلك يقوم أعضاؤها باستعمال البريد الإلكتروني للاتصال بصانعي القرار. رغم ذلك، فان هذه الوسيلة جديدة بحيث لا تزال بعض المجموعات تتعلم كيفية استعمالها بطريقة مُثلى، ومن السابق لأوانه القول بدقة عن مدى التأثير التي سوف تمارسه على عملية نفوذ مجموعات أصحاب المصالح. ومن الأمثلة الحديثة لهذا النفوذ، كان استعمال مواقع محافظة معينة على شبكة الإنترنت لترويج معلومات سلبية حول الرئيس السابق بيل كلينتون، بعضها كان دقيقاً وبعضها الآخر كان مشوهاً أو ملفقاً. من المحتمل ان يكون ذلك قد ساعد في إبقاء الزخم لإدانة كلينتون قائما،ً رغم ان أغلبية الأميركيين كانوا يعارضون ذلك. ما لم تجد فئات اقتصادية رئيسية طريقاً للسيطرة على الوصول إلى الإنترنت وبالتالي زيادة كلفة الوصول، من المحتمل جداً ان يكون لهذه الواسطة الجديدة تأثير ديمقراطي على الحوار السياسي. وعلى العكس من ذلك، فمن الممكن ان تشجع شبكة الإنترنت أيضاً على تجزئة المواطنين إلى مجموعات صغيرة، مرتبطة إلكترونياً يعزلون أنفسهم في أطر آراء عالمية غريبة بصورة متزايدة. * تجاه قيام مجموعات أصحاب مصالح عامة أكثر فعالية والعنصر الغائب والحاسم في العديد من مجموعات أصحاب المصالح العامة هو عدم وجود تنظيم سياسي أساسي حقيقي فيها. تتكون هذه المجموعات نموذجياً من عدد قليل من الموظفين يدعمهم آلاف الأعضاء الذين تشكل مساهماتهم المالية الدورية الرابط الوحيد بينها. ان هذه البنية تتناقض مع الأشكال السابقة للتنظيم السياسي الجماهيري حيث نشأت حركات قومية من منظمات محلية صغيرة الحجم يتقابل فيها الأعضاء وجهاً لوجه. باستثناء عدد قليل من الناشطين، يتقابل نادراً وجهاً لوجه أعضاء المجموعات الحديثة. ازداد قلق المراقبين الحديثين للمجتمع الأميركي بسبب انخفاض اهتمام المواطنين في شؤون مجتمعاتهم. ينطبق هذا الانخفاض على المنظمات غير السياسية، كما على المنظمات السياسية. قُدِّمت أسباب عديدة لتفسير هذه الظاهرة، منها:العزلة التي يسببها المكوث طويلاً أمام شاشة التلفزيون؛ وجود عدد متزايد من الناس لديهم اكثر من وظيفة؛ ووجود عائلات ذات رب عائلة واحد حيث لا يتوفر للبالغين وقت كاف للراحة؛ والسخرية التي تولدها حملات تسيطر عليها وسائل الأعلام تركز على الشخصيات وعلى الفضائح اكثر من تركيزها على القضايا ذات الأهمية. مهما كانت أسباب هذا الانخفاض في الاهتمام، سوف تكون المجموعات التي تستطيع ان تحشد بفعالية الناس من خلال فروع أساسية محلية في وضع سياسي قوي. من المحتمل لهذه المجموعات ان تتمكن من تطوير قاعدة ذات عضوية ثابتة قد تكون كلفة الوصول إليها أقل بفضل وجود اقنية اتصالات قائمة. من خلال دعم عملية التأثير القومية بتأمين اتصالات محلية مباشرة مع مرشحين وشاغلي مناصب حكومية، قد تستطيع التأكيد بصورة مقنعة على ان أعضاءها سوف يصوتون على أساس قضايا تهم المجموعة. سوف تكون مجموعة المصالح عندئذ حركة جماهيرية حقيقية وليس مجموعة صغيرة من النخبة يمولها مؤيدون غير ناشطين. لكن العوائق أمام انشاء مثل هذه المجموعة هائلة بالفعل. فالدعم او المساهمة الأولية لمبلغ من المال يكون ضرورياً لدعم حملات التنظيم المحلية. كما أن عليها ان تتغلب على اتجاه الأميركيين إلى فصل القضايا المحلية عن القضايا القومية. واخيراً، يجب السعي لاجتذاب العديد من المواطنين عن نزعتهم إلى التركيز على قضايا تثيرها وسائل الإعلام القومية على حساب تبادل وجهات النظر في القضايا وجهاً لوجه مع جيرانهم. والمَعلم الذي يميّز مجتمعاً ديمقراطياً هو انه يسمح للمواطنين بتكوين موارد سياسية بديلة يُمكنهم حشدها عندما يعتقدون ان اللاعبين الاقتصاديين أو المسؤولين الحكوميين ينتهكون مصالحهم. في هذا المعنى، تلعب مجموعات أصحاب المصالح المنظمة دوراً أساسيا، فهي تساعد المواطنين في كيفية استخدام الموارد التي يملكونها بصورة اكثر فعالية، مثل: التصويت، وحرية الكلام، والتجمع، والإجراءات القضائية. معلومات عن كاتب المقال: آر. ألن هايز هو مدير برنامج الدراسات العليا في السياسة العامة وأستاذ العلوم السياسية في جامعة نورثرن أيوا. يُستعمل كتابه، الحكومة الفدرالية والإسكان المديني، كمرجع شائع لتاريخ سياسة الإسكان. توسعت أبحاثه مؤخراً لتشمل عمليات مجموعات أصحاب المصالح المحيطة بصنع السياسة الاجتماعية. وفي كتابه، من يتحدث لمصلحة الفقراء، الذي نشرته روتلديج عام 2001، يوثّق ويقارن نشاط مجموعات أصحاب المصالح في ثلاثة مجالات للسياسة الاجتماعية: الإسكان، والغذاء، والمساعدة النقدية. قبل أن يبدأ التدريس في جامعة نورثرن أيوا، عمل البروفسور هايز مدير اسكان في حكومة محلية. |